صفات الله تعالى

صفات الله تعالى تمثل جوهر العقيدة الإسلامية، إذ تتناول طبيعة الله سبحانه وتعالى وأوصافه التي تميزه عن خلقه، وتُظهر عظمته وكماله الذي لا ينالُه نقصان ولا ضعف. إن معرفة صفات الله هي من أهم أركان التوحيد وأساس الإيمان، وقد أكد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على ضرورة الإيمان بجميع صفات الله تعالى كما وردت دون تحريف أو تعطيل أو تكييف، لأن هذا الإيمان يعزز اليقين ويقرب العبد من خالقه، ويكون حائلاً بينه وبين الشرك والجهل.

مفهوم صفات الله تعالى

صفات الله هي الأوصاف التي لا تنفصل عنه ولا تتجزأ، وهي صفات ثابتة لله سبحانه وتعالى تليق بجلاله وعظمته، وهي تختلف تماماً عن صفات المخلوقات التي هي ناقصة ومحدودة. فالله لا يشبه شيئًا من مخلوقاته في ذاته ولا في صفاته، ولهذا فإن صفات الله ذات خصوصية تامة تميزها عن أي صفة في الكون.

أثبت القرآن الكريم كثيراً من صفات الله تعالى في كتابه، كما أثبتها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وهكذا حافظ المسلمون عبر التاريخ على هذه الصفات، كما وردت في النصوص الشرعية.

أقسام صفات الله تعالى

يمكن تقسيم صفات الله تعالى إلى قسمين رئيسيين:

1. الصفات الذاتية (صفات الذات)

هي الصفات التي تتعلق بذات الله سبحانه وتعالى، أي التي تصف كينونته وجوهره، مثل: الوجود، والقدرة، والعلم، والحياة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام. وهذه الصفات من صفات الكمال التي لا يمكن أن تتجزأ أو تفارق ذات الله.

2. الصفات الفعلية (صفات الأفعال)

هي الصفات التي تتعلق بأفعال الله وأفعاله في الكون، مثل: الخلق، والرزق، والتدبير، والرحمة، والعدل، والغضب، وغيرها. هذه الصفات تدل على أفعال الله التي تظهر في عالم الخلق، وتعبر عن كمال حكمته وحكمه ورحمته.

أشهر صفات الله تعالى

فيما يلي شرح لبعض الصفات الأساسية التي أثبتها الإسلام لله تعالى:

1. القدرة (القادر)

القدرة تعني أن الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو الذي خلق الكون وأبدع فيه. قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (سورة البقرة: 20).

هذه القدرة تشمل كل شيء من خلق الكون، وإدارة شؤون الخلق، وإحياء الموتى، وقيادة الأمور بأحسن تدبير.

2. العلم (العليم)

الله سبحانه عليم بكل شيء، لا يغيب عنه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم ما كان وما سيكون، وما لم يكن بعد، سواء في الظاهر أو الباطن. قوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (سورة الأنعام: 59).

العلم الإلهي شامل وكامل، لا يتغير، ولا يحده زمان أو مكان.

3. الحياة (الحي)

الله حي لا يموت، سبحانه وتعالى قائم بذاته، وموجود بنفسه. الحياة عند الله مطلقة أبدية، لا تشوبها نهاية أو ضعف. قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (سورة البقرة: 255).

4. السماع (السميع)

الله يسمع كل شيء، أصوات العباد، والهمسات، والدعوات، فلا تخفى عليه كلمة ولا حركة. قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (سورة النساء: 58).

5. البصر (البصير)

الله يبصر كل شيء بغير حدود ولا قيود، لا تغيب عنه حركة ولا سكون، وهو الرقيب على كل شيء. قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ بِالْعِبَادِ خَبِيرًا بَصِيرًا} (سورة النساء: 30).

6. الكلام (القائل)

الله تعالى يتكلم بحكمته وقدرته، وأسمى كلامه هو القرآن الكريم. كلام الله غير مخلوق، ولا يشبه كلام البشر، وهو صفة لا تفارق الذات الإلهية. قال تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ} (سورة طه: 8).

7. الرحمة (الرحمن الرحيم)

الله رحيم بعباده، يوسع رحمته كل شيء، ويغفر الذنوب ويقبل التوبة. قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} (سورة الأعراف: 156).

8. العدل

الله عادل في أحكامه وأفعاله، لا يظلم أحدًا، ولا يجور على خلقه، وحكمه دائمًا قائم على الحق والإنصاف. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} (سورة النحل: 90).

9. الغضب

الله يغضب على الظالمين والمعاندين لكلمته، وهو غضب يعبّر عن رفض الظلم والفساد. قال تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (سورة هود: 56)، وتكررت صفات الغضب في القرآن بمعانٍ تحذر الإنسان من معاصي الله.

10. الكبرياء والعظمة

الله تعالى عظيم وكبير، لا تدركه العقول ولا تفي بوصف عظمته الكلمات، وصفاته تدل على جلاله وكبريائه الذي لا يضاهى. قال تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (سورة البقرة: 255).

صفات الله في العقيدة الإسلامية

الإسلام يؤكد الإيمان بصفات الله دون تعطيل أو تمثيل أو تأويل. أي:

• لا تعطيل: لا ننكر صفات الله أو نلغيها.

• لا تمثيل: لا نشبّه الله بخلقه.

• لا تأويل: لا نغير معاني الصفات بتفسيرها بشكل يخالف ظاهرها.

فالمسلم يؤمن أن الله يسمع ويبصر ويتكلم وله حياة وقدرة وعلم، لكن هذه الصفات تختلف عن صفات المخلوقين في كيفية الوجود.

أثر الإيمان بصفات الله على المسلم

الإيمان بصفات الله تعالى يعزز في نفس المسلم معاني الخشية، والتوكل، والطمأنينة، والرجاء. فالعلم بأن الله قادر على كل شيء، عليم بكل حال، حي لا يموت، يسمع دعاءه، يبصر سره وعلانيته، يمنحه شعور الأمان والسكينة.

كما يدفعه الإيمان بصفات الله إلى الإحسان في العبادة، والابتعاد عن المعاصي، والحرص على رضا الله، لأن الله عادل يغضب على الظالمين، ورحيم بعباده التائبين.

جدول يوضح أبرز صفات الله

موقف الفرق الإسلامية من صفات الله

اختلاف الفرق الإسلامية في تفسير صفات الله ينبع من نظرتهم للعقيدة واللغة، فمنهم من اتبع التفسير الحرفي لصفات الله، كالسلفية، ورفضوا التشبيه أو التأويل، ومنهم من ذهب إلى تأويل بعض الصفات ليُخرجها من معناها الظاهر، مثل المعتزلة، الذين نفوا بعض الصفات كالسمع والبصر عن الله، معتقدين أن ذلك يقتضي تمثيله.

الإسلام الوسطي يدعو إلى الاعتقاد بصفات الله كما وردت في الكتاب والسنة، مع التنزيه والتنزيه عن التشبيه، معترفًا بأن الكيفية لا يعلمها إلا الله.

استنتاجات عامة

صفات الله تعالى تمثل جزءًا لا يتجزأ من فهم العقيدة الإسلامية، وهي مفتاح للتعرف على جلاله وكماله. الإيمان بهذه الصفات يعزز العلاقة بين العبد وربه، ويرسخ في النفس الاعتقاد الراسخ بأن الله هو القادر، والعليم، والحي، والسميع، والبصير، والكريم الرحيم، والعدل الحكيم، الذي يليق به أن يُعبد وحده لا شريك له.

هذه الصفات ليست مجرد كلمات أو مفاهيم، بل هي حقيقة إيمانية تدفع المؤمن إلى التمسك بالتوحيد والابتعاد عن الشرك، وتعينه على الصبر في مواجهة الابتلاءات، وتزرع فيه الطمأنينة والقوة الروحية.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم، وهو المصدر الأول والأسمى في إثبات صفات الله تعالى.

• كتاب “العقيدة الواسطية” للإمام ابن تيمية، وهو من المصادر التي تناولت إثبات صفات الله بطريقة متزنة.

• “شرح العقيدة الطحاوية”، الذي يعد مرجعًا هامًا في عقيدة أهل السنة والجماعة.